فصل: قال المظهري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال المظهري:

{وَراوَدَتْهُ}
المراودة من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شيء ومنه الرائد- وقيل طلب الشيء برفق ومنه رويد بمعنى أمهل لمعنى الرفق والمهلة فيه- والمراد هاهنا طلبته منه بالحيل {الَّتِي هُوَ} يعنى يوسف {فِي بَيْتِها} يعنى زليخا امراة العزيز {عَنْ نَفْسِهِ} أي احتالت ليواقعها {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ} أي اطقتها وكانت سبعة والتشديد للتكثير أو للمبالغة في الاستيناف {وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ} قرأ نافع وابن ذكوان بكسر الهاء من غير همز وفتح التاء- وهشام كذلك الا انه يهمز- وقد روى عنه ضم التاء- وابن كثير بفتح الهاء وضم التاء والباقون بفتحهما- وقرا قتادة والسلمى بكسر الهاء وضم التاء كما روى عن هشام- ومعناه تهيّئت لك نفسى واللام حينئذ للصلة- وأنكره أبو عمرو والكسائي قالا لم يحك هذا عن العرب والاول هو المعروف عند العرب- قال ابن مسعود رضى اللّه عنه أقرأني النبي صلى اللّه عليه وسلم هيت لك بفتح الهاء والتاء- قال أبو عبيدة كان الكسائي يقول هي لغة لاهل حوران وقعت إلى الحجاز ومعناه تعال- وقال عكرمة أيضا هي بالحورانية هلم- قال مجاهد وغيره هي لغة عربية وهى كلمة حث واقبال على الشيء- فهو اسم فعل مبنى على الفتح كاين- واللام للتبئين كالتى في سقيا لك- ومن قراءه بضم التاء قراءه تشبيها له بحيث- وهى لا تثنّى ولا تجمع ولا تؤنث كذا قال أبو عبيدة- قال في القاموس هيت مثلثة الاخر وقد يكسر اوله بمعنى هلم قالَ لها يوسف عند ذلك {مَعاذَ اللَّهِ} أي أعوذ بالله معاذا واعتصم به ممّا دعوتنى إليه {إِنَّهُ رَبِّي} قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بسكونها {أَحْسَنَ مَثْوايَ} الضمير للشأن يعنى ان الشان ان سيدى قطفير أحسن منزلى وتعهّدى- حيث قال لك أكرمي مثواه فما جزاؤه أن أخونه في اهله- وجاز ان يكون الضمير راجعا إلى قطفير يعنى إن زوجك قطفير سيدى أحسن مثواى- وقيل الضمير لله تعالى يعنى إنه تعالى خالقى وأحسن منزلتى حيث عطف علىّ قلب فطفير فلا أعصيه: {إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)} المجازون الحسن بالسيئ- وقيل يعنى الزناة فان الزنى ظلم على نفسه وعلى المزني بأهله- قال السدى وابن إسحاق لما أرادت امراة العزيز مراودة يوسف عن نفسه جعلت تذكر له محاسن نفسه وشوّقته إلى نفسها- فقالت يا يوسف ما احسن شعرك قال هي أول ما ينتثر من جسدى- قالت ما احسن عينك قال هما أول ما يسيل على وجهى- قالت ما احسن وجهك قال هو للتراب تأكله- وقيل انها قالت ان فراش الحرير مبسوط فقم فاقض حاجتى- قال إذا يذهب نصيبى من الجنة- فلم تزل تطمعه وتدعوه إلى اللذة وهو شابّ يجد شبق الشباب ما يجد الرجل عند مراودة امراة حسناء جميلة فذلك قوله تعالى. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ}
عطف قصة على قصة، فلا يلزم أن تكون هذه القصة حاصلة في الوجود بعد التي قبلها.
وقد كان هذا الحادث قبل إيتائه النبوءة لأن إيتاء النبوءة غلب أن يكون في سن الأربعين.
والأظهر أنه أوتي النبوءة والرسالة بعد دخول أهله إلى مصر وبعد وفاة أبيه.
وقد تعرضت الآيات لتقرير ثبات يوسف عليه السّلام على العفاف والوفاء وكرم الخلق.
فالمراودة المقتضية تكرير المحاولة بصيغة المفاعلة، والمفاعلة مستعملة في التكرير.
وقيل: المفاعلة تقديرية بأن اعتبر العمل من جانب والممانعة من الجانب الآخر من العمل بمنزلة مقابلة العمل بمثله.
والمراودة: مشتقة من راد يرود، إذا جاء وذهب.
شبه حال المحاول أحدًا على فعل شيء مكررًا ذلك.
بحال من يذهب ويجيء في المعاودة إلى الشيء المذهوب عنه، فأطلق راود بمعنى حاول.
و{عن} للمجاوزة، أي راودته مباعدة له عن نفسه، أي بأن يجعل نفسه لها.
والظاهر أن هذا التركيب من مبتكرات القرآن، فالنفس هنا كناية عن غرض المواقعة، قاله ابن عطية، أي فالنفس أريد بها عفافه وتمكينها منه لما تريد، فكأنها تراوده عن أن يسلم إليها إرادته وحكمه في نفسه.
وأما تعديته بـ (على) فذلك إلى الشيء المطلوب حصوله.
ووقع في قول أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم يراود عمه أبا طالب على الإسلام: وفي حديث الإسراء: «فقال له موسى: قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه». والتعبير عن امرأة العزيز بطريق الموصولية في قوله: {التي هو في بيتها} لقصد ما تؤذن به الصلة من تقرير عصمة يوسف عليه السّلام لأن كونه في بيتها من شأنه أن يطوّعه لمرادها. و: {بيتها} بيت سكناها الذي تبيت فيه.
فمعنى: {هو في بيتها} أنه كان حينئذٍ في البيت الذي هي به، ويجوز أن يكون المراد بالبيت: المنزل كله، وهو قصر العزيز.
ومنه قولهم: ربة البيت، أي زوجة صاحب الدار ويكون معنى: {هو في بيتها} أنه من جملة أتباع ذلك المنزل.
وغلق الأبواب: جَعْل كل باب سادًّا للفرجة التي هو بها.
وتضعيف: {غلّقت} لإفادة شدة الفعل وقوته، أي أغلقت إغلاقًا محكمًا.
والأبواب: جمع باب.
وتقدم في قوله تعالى: {ادخلوا عليهم الباب} [سورة المائدة: 23].
و{هَيتَ} اسم فعل أمر بمعنى بَادرْ.
قيل أصلها من اللغة الحَوْرانية، وهي نبطية.
وقيل: هي من اللغة العبرانية.
واللام في: {لك} لزيادة بيان المقصود بالخطاب، كما في قولهم: سقيًا لك وشكرًا لك.
وأصله: هيتَك.
ويظهر أنها طلبت منه أمرًا كان غير بدع في قصورهم بأن تستمتع المرأة بعبدها كما يستمتع الرجل بأمته، ولذلك لم تتقدم إليه من قبل بترغيب بل ابتدأته بالتمكين من نفسها.
وسيأتي لهذا ما يزيده بيانًا عند قوله تعالى: {قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا}.
وفي: {هيت} لغات.
قَرأ نافع، وابن ذكوان عن ابن عامر، وأبو جعفر بكسر الهاء وفتح المثناة الفوقية.
وقرأه ابن كثير بفتح الهاء وسكون التحتية وضم الفوقية.
وقرأه الباقون بفتح الهاء وسكون التحتية وضم التاء الفوقية، والفتحة والضمة حركتا بناء.
و{مَعاذ} مصدر أضيف إلى اسم الجلالة إضافة المصدر إلى معموله.
وأصله: أعوذ عَوذًا بالله، أي أعتصم به مما تحاولين.
وسيأتي بيانه عند قوله: {قال معاذ الله أن نأخذ} [سورة يوسف: 79] في هذه السورة.
و (إنّ) مفيدة تعليل ما أفاده: {معاذ الله} من الامتناع والاعتصام منه بالله المقتضي أن الله أمر بذلك الاعتصام.
وضمير: {إنه} يجوز أن يعود إلى اسم الجلالة، ويكون: {ربي} بمعنى خالقي.
ويجوز أن يعود إلى معلوم من المقام وهو زوجها الذي لا يرضى بأن يمسها غيره، فهو معلوم بدلالة العرف، ويكون: {ربي} بمعنى سيدي ومالكي.
وهذا من الكلام الموجّه توجيهًا بليغًا حكي به كلام يوسف عليه السّلام إمّا لأن يوسف عليه السّلام أتى بمثل هذا التركيب في لغة القِبط، وإما لأنه أتى بتركيبين عُذرين لامتناعه فحكاهما القرآن بطريقة الإيجاز والتوجيه.
وأيًا ما كان فالكلام تعليل لامتناعه وتعريض بها في خيانة عهدها.
وفي هذا الكلام عبرة عظيمة من العفاف والتقوى وعصمة الأنبياء قبل النبوءة من الكبائر.
وذُكِرَ وصف الرب على الاحتمالين لما يؤذن به من وجوب طاعته وشكره على نعمة الإيجاد بالنسبة إلى الله، ونعمة التربية بالنسبة لمولاه العزيز.
وأكدَ ذلك بوصفه بجملة: {أحسن مثواي}، أي جعل آخرتي حسنى، إذ أنقذني من الهلاك، أو أكرم كفالتي.
وتقدم آنفًا تفسير المثوى.
وجملة: {إنه لا يفلح الظالمون} تعليل ثان للامتناع.
والضمير المجعول اسمًا ل (إن) ضميرُ الشأن يفيد أهمية الجملة المجعولة خبرًا عنه لأنها موعظة جامعة.
وأشار إلى أن إجابتها لما راودته ظلم، لأن فيها ظلم كليهما نفسه بارتكاب معصية مما اتفقت الأديان على أنها كبيرة، وظلم سيده الذي آمنه على بينه وآمنها على نفسها إذ اتخذها زوجًا وأحصنها. اهـ.

.قال الشعراوي:

{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ}
وساعة تسمع راود فافهم أن الأمر فيه منازعة مثل: فَاعَل أو تَفاعل ومثل: شارك محمد عليًا أي: أن عليًا شارك محمدًا؛ ومحمد شارك عليًا؛ فكل منهم مفعول مرة، وفاعل مرة أخرى.
والمُرَاودة مطالبةٌ برفق ولين بستر ما تريده مِمَّنْ تريده؛ فإنْ كان الأمر مُسهَّلًا، فالمُراودة تنتهي إلى شيء ما، وإنْ تأبَّى الطرف الثاني بعد أن عرفَ المراد؛ فلن تنتهي المراودة إلى الشيء الذي كنت تصبو إليه.
وهكذا راودتْ امرأة العزيز يوسف عليه السلام، أي: طالبته برفق ولين في أسلوب يخدعه لِيُخرِجه عمَّا هو فيه إلى ما تطلبه.
ومن قبْل كان يوسف يخدمها، وكانت تنظر إليه كطفل، أما بعد أن بلغ أَشُده فقد اختلف الأمر، ولنفرض أنها طالبته أن يُحضر لها شيئًا؛ وحين يقدمه لها تقول له لماذا تقف بعيدًا؟ وتَدعوه ليجلس إلى جوارها، وهو لن يستطيع الفكاك؛ لأنه في بيتها؛ وهي مُتمكِّنة منه؛ فهي سيدة القصر. وهكذا نجد أن المسألة مجموعة عليه من عدة جهات؛ فهو قد تربَّى في بيتها؛ وهي التي تتلطف وترقُّ معه، وفَهِم هو مرادها.
وهكذا شرح الحق سبحانه المسألة من أولها إلى آخرها بأدب رَاقٍ غير مكشوف، فقال تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ التي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأبواب...} [يوسف: 23].
وكلمة: {وَغَلَّقَتِ الأبواب...} [يوسف: 23]. توضح المبالغة في الحدث؛ أو لتكرار الحَدث، فهي قد أغلقت أكثرَ من باب. ونحن حين نحرك المزلاج لنؤكد غَلْق الباب، ونحرك المفتاح، ونديره لتأكيد غَلْق الباب.
فهذه عملية أكبر من غَلْق الباب؛ وإذا أضفنا مِزْلاجًا جديدًا نكون قد أكثرنا الإغلاق لباب واحد؛ وهكذا يمكن أن نَصِفَ ما فعلنا أننا غلّقنا الباب. وامرأة العزيز قامت بأكثر من إغلاق لأكثر من باب، فَقُصور العظماء بها أكثر من باب، وأنت لا تدخل على العظيم من هؤلاء في بيته لتجده في استقبالك بعد أول باب، بل يجتاز الإنسان أكثر من باب لِيَلقى العظيم الذي جاء ليقابله.
يحمل لنا التاريخ قصة ذلك الرجل الذي رفض أن يبايع معاوية في المدينة، فأمر معاوية باستدعائه إلى قصر الحكم في دمشق. هذا القصر الذي سبق أن زاره عمر بن الخطاب؛ ووجد فيه أبهة زائدة بررها له معاوية بحيلة الأريب أنها أُبهة ضرورية لإبراز مكانة العرب أمام الدولة الرومانية المجاورة، فسكتَ عنها عمر.
وحين استدعى معاوية الرجل، دخل بصحبة الحرس من باب، وظن أنه سوف يلقى معاوية فَوْر الدخول؛ لكن الحرس اصطحبه عبر أكثر من باب؛ فلم ينخلع قلب الرجل، بل دخل بثبات على معاوية وضَنَّ عليه بمناداته كأمير المؤمنين، وقال بصوت عال: السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ففطن معاوية إلى أن الرجل يرفض مبايعته.
ونعود إلى الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها؛ فنجد أن امرأة العزيز قد غلَّقتْ الأبواب؛ لأن مَنْ يفعل الأمر القبيح يعلم قُبْح ما يفعل، ويحاول أن يستر فِعْله، وهي قد حاولتْ ذلك بعيدًا عن مَنْ يعملون أو يعيشون في القصر، وحدثتْ المراودة وأخذتْ وقتًا، لكنه فيما يبدو لم يَستجِبْ لها.
{وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ...} [يوسف: 23] أي: أنها انتقلتْ من مرحلة المُراودة إلى مرحلة الوضوح في طلب الفعل؛ بأن قالت: تهيأتُ لك؛ وكان ردُّه: {قَالَ مَعَاذَ الله...} [يوسف: 23].
والمَعَاذ هو مَنْ تستعيذ به، وأنت لا تستعيذ إلا إذا خارتْ أسبابك أمام الحدث الذي تمرُّ به عَلَّك تجد مَنْ ينجدك؛ فكأن المسألة قد عَزَّتْ عليه؛ فلم يجد مَعَاذًا إلا الله. ولا أحد قادر على أن يتصرف هكذا إلا مَنْ حرسه الله بما أعطاه له من الحكمة والعلم؛ وجعله قادرًا على التمييز بين الحلال والحرام.
ولبيان خطورة وقوة الاستعاذة نذكر ما ترويه كتب السيرة من أن النبي صلى الله عليه وسلم عقد على ابنة ملكٍ؛ كانت شديدة الجاذبية، وشعرت بعض من نساء النبي بالغيرةَ منها، وقالت واحدة منهن لعلها عائشة رضي الله عنها: إن تزوجها ودخل بها قد يفضلها عنَّا. وقالت للعروس: إن النبي يحب كلمة ما، ويحب مَنْ يقولها. فسألت الفتاة عن الكلمة، فقالت لها عائشة: إن اقترب منك قولي أعوذ بالله منكِ. فغادرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «قد عُذْتِ بمعاذ» وسرَّحها السراح الجميل.
وهناك في قضية السيدة مريم عليها السلام، نجدها قد قالت لحظة أن تمثَّل لها الملاك بشرًا سويًا: {إني أَعُوذُ بالرحمن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا} [مريم: 18]. فهي استعاذت بمَنْ يقدر على إنقاذها.
وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: {قَالَ مَعَاذَ الله إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} [يوسف: 23]، وأعطانا هذا القول معنيين اثنين:
الأول: أنه لم يوافق على طلبها بعد أن أوضحتْ ما تريد.
والمعنى الثاني: أنه طلب المعونة من الله، وهو سبحانه مَنْ أنجاه من كيد إخوته؛ ونجَّاه من الجُبِّ؛ وهيَّأ له أفضل مكان في مصر، ليحيا فيه ومنحه العلم والحكمة مع بلوغه لأشُدَّه. وبعد كل هذا أيستقبل كل هذا الكرم بالمعصية؟ طبعًا لا.
أو: أنه قال: {أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23].
ليُذكِّر امرأة العزيز بأن لها زوجًا، وأن هذا الزوج قد أحسن ليوسف حين قال لها: {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عسى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [يوسف: 21].
فالصعوبة لا تأتي فقط من أنها تدعوه لنفسها؛ بل الصعوبة تزداد سوء لأن لها زوجًا فليست خالية، وهذا الزوج قد طلب منها أن تُكرِم يوسف، وتختار له مكانَ إقامةٍ يليق بابن، ولا يمكن أن يُستَقبل ذلك بالجحود والخيانة.
وهكذا يصبح قول يوسف: {إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23].
قد يعود على الله سبحانه؛ وقد يعود على عزيز مصر.
وتلك مَيْزة أسلوب القرآن؛ فهو يأتي بعبارة تتسع لكل مناطات الفهم، فما دام الله هو الذي يُجازي على الإحسان، وهو مَنْ قال في نفس الموقف: {وكذلك نَجْزِي المحسنين} [يوسف: 22] فمعنى ذلك أن مَنْ يسيء يأتي الله بالضد؛ فلا يُفلح؛ لأن القضيتين متقابلتان: {وكذلك نَجْزِي المحسنين} [يوسف: 22].
و{لاَ يُفْلِحُ الظالمون} [يوسف: 23]. اهـ.